للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإفتاء، والثانية مبنية إلى الرجوع، وكلتاهما بمعنى كي فساغ التكرير لاختلاف متعلقيهما كأنه قال: أفتنا كي أرجع إلى الناس كي يعقلوا؛ فالإفتاء سبب الرجوع والرجوع سبب العلم.

٤٧ - قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} الآية، قال المفسرون (١): قال له يوسف: أما السبع البقرات السمان فإنهن سبع سنين مخصبات ذوات نعمة وأنتم تزرعون، أي: فازرعوا. قال صاحب النظم: قوله (تزرعون) جواب لقوله (أفتنا) جاء مجيء المضارع وتأويله أمر، وفيه إيماء إلى تعبير الرؤيا، ودل على ذلك قوله (فما حصدتم فذروه)، وهذا لفظ أمر، معطوف على قوله (تزرعون)، فدل أن قوله (تزرعون) أيضًا أمر وهذا كقوله {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} وهذا اللفظ مضارع وتأويله دعاء والدعاء مثل الأمر كقوله {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ} [المؤمنون: ١١٨].

وقوله تعالى {دَأَبًا} قال الزجاج (٢): الدأب الملازمة للشيء والعادة. وذكرنا الكلام في الدأب في سورة آل عمران {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} (٣) قال ابن عباس (٤): يريد سبع سنين متوالية. وقال أهل المعاني واللغة (٥): الدأب استمرار الشيء على عادة، وهو دائب يفعل كذا، إذا استمر في فعله، وقد دأب يدأب دأبًا ودابًا، أي: زراعة متوالية في هذه السنين. وقيل على عادتكم في الزراعة.


(١) الطبري ١٢/ ٢٣٠، الثعلبي ٧/ ٨٦ أ.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٤.
(٣) آل عمران: ١١. قال هنالك: "يقال: دأبت أدأب دأبًا ودأبًا ودؤوبًا: إذا اجتهدت في الشيء وتعبت فيه" اهـ.
(٤) "تنوير المقباس" ص ١٥٠، و"زاد المسير" ٤/ ٢٣٢، والقرطبي ٩/ ٢٠٣.
(٥) "تهذيب اللغة" (دأب) ٢/ ١١٢٧، و"اللسان" (دأب) ٣/ ١٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>