مظلمًا خائفًا متحيرًا، كذلك المنافقون لما أظهروا كلمة الإيمان واستناروا بنورها، واعتزوا بعزها وأمنوا، فناكحوا المسلمين ووارثوهم وقاسموهم الغنائم، وأمنوا على أموالهم وأولادهم، فلما ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف وبقوا في العذاب والنقمة، وهذا القول اختيار الزجاج ... وعلى ما قاله أبو إسحاق: التمثيل وقع بين تجملهم بالإسلام وبين النار التي يستضاء بها ... واستمر في ذكر الأقوال في الآية مبرزًا أركان التشبيه فيها.
[٤ - الشواهد الشعرية]
لقد تضلع الواحدي من علوم اللغة والأدب، ذلك لأنه أدرك أنها طريق تفسير كتاب الله تعالى، الذي نزل بلغة عربية فصيحة، وكان الواحدي حريصًا في تفسيره على توثيق جميع الأقوال والآراء والمعاني التي يذكرها بالأدلة، اتباعًا للمنهج العلمي الأصيل، فلا يترك قولا في التفسير أو اللغة أو النحو أو البلاغة إلا ويحاول الاستدلال له إما بآية من القرآن أو حديث من السنة، أو أثر عن السلف أو بيت من أشعار العرب، وسبق الحديث عن منهجه في الاستدلال بالقرآن والسنة ولأثر، وكان مما عرف عن المنهج الواحدي هناك أنه لا يستدل بالقرآن والسنة والأثر على مسائل التفسير فقط، بل وعلى مسائل اللغة والنحو.
وأما استشهاده بالشعر، فهو مجال الحديث الآن، ومما ينبغي استحضاره الآن تلك الهمة التي بذلها الواحدي لدراسة الأدب، والشعر بالدرجة الأولى. وقد ذكرت هذا في أكثر من موضع، ويكفي هنا أن نستعيد ما قاله الواحدي عن معاتبة شيخه العروضي له: .. حتى عاتبني شيخي -رحمه الله- يومًا من الأيام وقال: إنك لم تبق ديوانًا من الشعر إلى قضيت حقه أما آن لك أن تتفرغ لتفسير كتاب الله العزيز ... فقلت يا أبت إنما أتدرج