ويذكر هذا النوع كذلك عند تفسير قوله تعالى:{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}[البقرة: ١٦] قال: ومعنى قوله: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}، أي: ما ربحوا في تجارتهم، وأضاف الربح إلى التجارة؛ لأن الربح يكون فيها، وهذا كلام العرب يقولون: ربح بيعك، وخسر بيعك، ونام ليلك، وخاب سعيك ... إلخ).
ويتحدث عن التشبيه وهو أحد أنواع علم البيان، فيعرفه ويذكر أهميته لما فيه من حسن البيان وقرب الاستدلال، لذلك كثر في القرآن، فيقول عند تفسير قوله تعالى:{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا}[البقرة: ١٧] قال المبرد: ... والمثل من الكلام: قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، فمعنى قولهم: مثل بين يديه إذا انتصب، معناه: أشبه الصورة المنتصبة بين يديه ... والأمثال أصل كبير في بيان الأشياء؛ لأن الشيء يعرف بشبهه ونظيره، والأمثال تخرج ما يخفى تصوره إلى ما يظهر تصوره، والمثل بيان ظاهر على أن الثاني مثل الأول، والأمثال متداولة سائرة في البلاد، وفيها حكم عجيبة وفوائد كثيرة، وقد ذكر الله تعالى الأمثال في غير موضع من كتابه لما فيها من حسن البيان وقرب الاستدلال، والمقصود بالمثل البيان عن الحال الممثل، وحقيقته ما جعل من القول كالعلم للتشبيه بحال الأول ...
ثم يدخل في بيان تطبيقي على الآية، موضحًا التشبيه فيها بذكر المشبه والمشبه به ووجه الشبه مع قرن ذلك بتفسير الآية، فيقول: فأما التفسير فقال ابن عباس وقتادة والضحاك ومقاتل والسدي: يقول: مثل هؤلاء المنافقين كمثل رجل أوقد نارًا في ليلة مظلمة في مفازة فاستضاء بها واستدفأ ورأى ما حوله فاتقى ما يحذر ويخاف وأمن، فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، فبقي