للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ}، قال ابن عباس (١): يريد ويخلق بعدكم من هو أطوع لله منكم {وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} بتوليكم وإعراضكم إنما تضرون أنفسكم؛ لأن ضرر كفركم عائد عليكم.

وقوله: {إنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}، قال أكثر أهل المعاني (٢): حفيظ لأعمال العباد حتى يجازيهم عليها، وقيل معناه (٣): يحفظني عن أن تنالوني بسوء (٤)، وقيل (٥): حفيظ على كل شيء، يحفظه من الهلاك إذا شاء، ويهلكه إذا شاء.

٥٨ - قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا}، أي بهلاك عاد {نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}، ذكر أبو إسحاق (٦) فيه وجهين:

أحدهما: أن يريد بالرحمة ما أراهم من الهدى والبيان الذي هو رحمة.

والثاني: أنه أراد لا ينجو أحد وإن اجتهد إلا برحمة منا (٧). والأول


(١) قال به الطبري ١٢/ ٦١، والبغوي ٤/ ١٨٤، القرطبي ٩/ ٥٣، ابن عطية ٧/ ٣٢٥، الثعلبي ٧/ ٤٦ أ.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ١٢٠.
(٣) "تفسير البغوي" ٤/ ١٨٤، "زاد المسير" ٤/ ١٢٠، "القرطبي" ٩/ ٥٣، "البحر المحيط" ٥/ ٢٣٥، "الثعلبى" ٧/ ٤٦ أ.
(٤) في (ي): (بشر).
(٥) الرازي ١٨/ ١٤.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٨.
(٧) في (ي): (الله). ويشهد لهذا المعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لن بدخل الجنة أحدٌ منكم بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته" أخرجه البخاري رقم (٥٦٧٣)، كتاب: المرضى، باب: نهى تمني المريض الموت، ومسلم رقم (٢٨١٨) كتاب: صفة الجنة والنار، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>