للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم} الآية، [البقرة: ١٩٤] وقوله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} [الشورى: ٤١]، وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} الآية، [الشورى:٤١] بمكة، والمسلمون يومئذ قليل، ليس لهم سلطان يقهر المشركين، فأمر الله المسلمين أن يجازوا بمثل ما أتى إليهم أو يصبروا فهو أمثل، فلما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وأعز الإسلام، أَمرَ المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى (١) سلطانهم، وأن لا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية، فقال: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} الآية. [الإسراء: ٣٣] يقول: ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه، فمن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف قد عمل بحمية الجاهلية ولم يرض بحكم الله (٢)، فعلى هذا نُسخ من الآية أن يتولى المظلوم أخذَ القصاص، بل يجب أن يرفع ذلك إلى السلطان حتى يعاقب خصمه بمثل ما عاقبه، ثم أخبر أن الصبر خير وأفضل، فقال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُم}، أي: عن المجازاة بالمُثْلَة، أو على ما يصيبكم من أذى المشركين، أو على ظلم من ظلمكم، {لَهُوَ}، أي: الصبر، {خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}.

١٢٧ - ثم أمر نبيه -عليه السلام- بالصبر عزمًا، فقال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}، أي: بتوفيقه ومعونته، {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، أي: على المشركين


(١) في (أ)، (د): (أي)، والمثبت هو الصحيح وموافق للمصادر.
(٢) أخرجه الطبري ٢/ ١٩٩، بنحوه من طريق ابن أبي طلحة صحيحة، والبيهقي في السنن: الجنايات/الولي لا يستبد بالقصاص دون الإمام (٨/ ٦١) بنصه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٣٧٣، بنصه وزاد نسبته إلى أبي داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>