للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنه أمر بالتولي عن الكفار ووعظ المؤمنين. يدل على هذا قوله: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} قال الكلبي: عظ بالقرآن من آمن من قومك، فإن الذكرى تنفعهم (١).

القول الثاني: أنه أمر أن يُذكر ويعظ الكفار. وهو قول مقاتل. يقول: عظ كفار مكة بوعيد القرآن، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، يعني من في علم الله أن يؤمن منهم (٢). وهذا القول أشد موافقة لما ذكرنا في الآية الأولى.

٥٦ - قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} تعلقت القدرية بهذه الآية وقالوا: دلت الآية على أن الله تعالى خلق كل مكلف لعبادته وأراد منهم العبادة. ولا حجة لهم في هذه الآية إذا تدبرت قول العلماء فيها ومذاهبهم في تفسيرها (٣). والآية فيها مذاهب للمفسرين.

أحدهما: التخصيص، وهو أن المراد بالجن والإنس مؤمنو الفريقين. وهو قول الكلبي، والضحاك، والفراء، وعبد الله بن مسلم. قال الكلبي: هذا خاص لأهل طاعته. يعني: ما خلقت مؤمني الجن والإنس إلا ليعبدون (٤). وقال الضحاك: هذا خاص في أهل عبادة الله وطاعته. يدل عليه قوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩] والذين ذرأهم للنار لا يكونون ممن ذرأهم لعبادته. وهذه الآية التي نحن


(١) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٨١، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٣٥.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٧ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٣٥، "فتح القدير" ٥/ ٩٢.
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ٨، "دقائق التفسير" لابن تيمية ٤/ ٥٢٧، "فتح القدير" ٥/ ٩٢.
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ١١/ ١٩٠ ب، "الوسيط" ٤/ ١٨١، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>