وتارة يذكر القول، ثم يذكر القائلين به، دون أن يذكر ألفاظهم، أو يذكر ألفاظهم بعد ذلك. ومن أمثلة ذلك: ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}[البقرة: ١٧٧] فقال: قال قتادةُ والربيع ومقاتل: عنى الله بهذه الآية: اليهود والنصارى، .. وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك وعطاء: المراد به المؤمنون.
رابعًا: يرجح بين الأقوال في بعض الأحيان كما في المثال قبل السابق عند قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ١٥٨]. وقد يجمع بينها، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره عند قوله تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}[البقرة: ١٨٧] قال: أكثر المفسرين على أن المراد بهذا: الولد، أي: اطلبوا بالمباشرة ما قضى الله لكم من الولد. وقال قتادة: يعنى الرخصةَ التي كتبتُ لكم، وقال معاذ بن جبل وابن عباس في رواية أبي الجوزاء: يعني: ليلةَ القدر، وكل هذا مما تحتمله الآية.
[المسألة الرابعة: منهجه في ذكر الإسرائيليات]
الإسرائيليات: هي الأخبار المروية عن أهل الكتاب من يهود أو نصارى، وسميت (إسرائيليات) تغليبًا، لأن أكثرها من أخبار بني إسرائيل أو من كتبهم (١).
وقد بين الحافظ ابن كثير في مقدمة "تفسيره" الموقف الصحيح منها، بعد ذكره لحديث: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج،
(١) ينظر في الإسرائيليات: "التفسير والمفسرون" للذهبي ١/ ١٦٥ و"الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" للدكتور محمد أبو شهبة ص ٢١، و"الإسرائيليات" للدكتور: رمزي نعناعة ص ٧١.