للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما معنى المقدار في اللغة (١) قال الليث: المقدار القدر، وأنشد (٢).

لو كانَ خَلْفَكَ أو أمَامَكَ هَائِبًا ... بَشَرًا سِوَاكَ لَهَابَكَ المِقْدَارُ

يعني الموت، وقال: المقدار أيضًا الهنداز (٣)، وهو ما يقدر به الشيء، فمن الأوّل يقال: الأشياء مقادير، ومن الثاني: يقال: الأشياء بمقادير، يقال: المطر ينزل بمقدار، أي بقدرَ وقدْر، والمقدار بالمعنيين يجوز في الآية؛ لأن كل شيء بقضاء عند الله وقدر، وكل شيء أيضًا عنده معلوم مقدر بمقدار لا يعلمه غيره.

٩ - قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} قال ابن عباس (٤): يريد علم ما غاب عن جميع خلقه، وما شهد بما علموا الكثير، فعلى هذا الغيب مصدر يريد به الغائب، ومثله الشهادة يريد به الشاهد، ومعنى قوله: مما علموا الكثير؛ لأن الكثير من الشاهد يعلمه الخلق.

وقوله تعالى: {الْكَبِيرُ} هو بمعنى العظيم والجليل، ومعناه يعود إلى كبر قدره واستحقاقه صفات العلو، وهو أكبر من كل كبير؛ لأن كل كبير يصغر بالإضافة إليه.

وقوله تعالى: {الْمُتَعَالِ} قال الحسن (٥): المتعالي عما يقول المشركون.


(١) "تهذيب اللغة" (قدر) ٣/ ٢٨٩٧، و"اللسان" (قدر) ٦/ ٣٥٤٨.
(٢) البيت بلا نسبة في "اللسان" (قدر) ٦/ ٣٥٤٨، و"تاج العروس" (قدر) ٧/ ٣٧٥.
(٣) الهنداز: معرب، وأصله بالفارسية أنْدازاه، يقال: أعطاه بلا حساب ولا هنْداز، ومنه: المُهَندزِ: الذي يقدر مجاري القُني والأبنية، إلا أنهم صيروا الزاي سينًا؛ لأنه ليس في كلام العرب زاي قبلها دال. "اللسان" (هندز) ٨/ ٤٧١٠.
(٤) القرطبي ٩/ ٢٨٩.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٣٠٩ والقرطبي ٩/ ٢٨٩، و"تفسير الحسن" ٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>