للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العامة لا ما اختاره أبو عبيد، وذلك أن الجحود كان عامًا منهم في كل ما يأتي به الرسول -صلى الله عليه وسلم- والجدال كان في هذا خاصًا على ما ذكرا (١).

وأيضًا فإنه لا مجادل إلا وهو جاحد، وقد يجحد الشيء من لا يجادل فيه، فالجدال إذًا أعم.

١٣ - معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} أكثر العلماء على أن اههنى أشبه رأى جبريل في صورته مرتين على ما ذكرنا (٢).

وقال ابن عباس: رأى ربه على ما ذكرنا في قوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}.

وعلى هذا معنى قوله: (نَزْلَةً أُخْرَى) يعود إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد روي أنه كانت له عرجات في تلك الليلة لما استحط ربه من أعداد الصلوات المفروضة، فيكون لكل عرجة نزلة، فيحتمل أنه رأى ربه -عز وجل- في بعض تلك النزلات (٣).


(١) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٩٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٩٣.
(٢) وفي "صحيح مسلم" أن عائشة سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} وقوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} فقال: إنما هو جبريل. لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عظم خلقه ما بين السماء والأرض. كتاب: الإيمان, باب {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ١/ ١٥٩.
(٣) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٩٤. قال ابن حجر: وأبدى بعض الشيوخ حكمة لاختيار موسى تكرير ترداد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لما كان موسى قد سأل الرؤية فمنع وعرف أنها حصلت لمحمد -صلى الله عليه وسلم- قصد بتكرير رجوعه تكرير رؤيته ليرى من رأى.
قال الشيخ ابن باز في تعليقه على هذه الحكمة: "ليست بشيء، والتحقيق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه .. " فتح الباري ١/ ٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>