للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠٩ - [قوله تعالى] (١): {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} الآية، ذكرنا معنى القسم (٢) عند قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] والاستقسام في سورة المائدة (٣) والإقسام من ذلك الأصل أيضًا، وذلك أن اليمين موضوعة لتوكيد الخبر الذي يخبر به الإنسان إما مثبتًا للشيء أو نافيًا. ولما كان الخبر يدخله الصدق والكذب لم يأمن المخبر بالشيء عن نفسه أن يرد خبره ولا يقبل، فأكّد خبره باليمين، ولما كان التنازع يكثر في الإقسام، والدعاوى في الأشياء لا تنقطع إلا بالتوكيد، اشتقوا لفظه من القسم، وبنوها على أَفَعَل، فقالوا: أَقْسَم (٤) فلان بالله، يقسم إقسامًا، وأرادوا أنه حاز القسم الذي وقع التنازع فيه، بذكر الله، وبنوا الفعل على أفعل؛ لأنهم قصدوا قصد رجل أمال الشيء إلى جانبه باليمين، واسم اليمين القَسَم، والجمع الأقسام.


= وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" ٢/ ١٧٠ - ١٧١: (يضاف التزيين إليه سبحانه خلقًا ومشيئة، وحذف فاعله تارة، ونسبه إلى سببه، ومن أجراه على يده تارة، وهذا التزيين ابتلاء واختبار للعبد، ليتميز المطيع منهم من العاصي، وعقوبة منه له على إعراضه وإيثاره سيئ العمل على حسنه، وحجة الله قائمة عليه بالرسالة وبالتعريف الأول، فتزيِن الرب تعالى عدل، وعقوبته حكمة، وتزيين الشيطان إغواء وظلم، وهو السبب الخارج عن العبد، والسبب الداخل فيه حبه وبغضه وإعراضه، والرب سبحانه خالق الجميع، والجميع واقع بمشيئته وقدرته) ا. هـ. ملخصًا.
(١) في (أ): (قوله عز وجل).
(٢) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية ١/ ٢٢٩ ب.
(٣) انظر: "البسيط" صورة في مكتبة جامعة الإمام ٣/ ٩ أ.
(٤) القَسَم: بالفتح، اليَمين والحَلف، وأصله من القَسَامَة، بالفتح، وهي أيمان تقسم علي أولياء المقتول، ثم صار اسمًا لكل حَلِف؛ يقال: أَقْسَم بسكون القاف وفتح =

<<  <  ج: ص:  >  >>