للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} قال المفسرون (١). (يعني: كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأصنام والأوثان وطاعة الشيطان بالحرمان والخِذلان {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} من الخير والشر والطاعة والمعصية)، قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: زينت لأوليائي وأهل طاعتي محبتي وعبادتي، وزينت لأعدائي وأهل معصيتي كفر نعمتي وخذلتهم حتى أشركوا) (٢)، قال الزجاج: (وهذا هو القول، لأنه بمنزلة (٣): {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ٩٣]، والدليل على هذا قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: ٨] (٤).

وهذه الآية بتفسير هؤلاء دليل على تكذيب القدرية (٥) حيث قالوا: لا يحسن من الله خلق الكفر وتزيينه (٦).


(١) وهو الأظهر وقول الأكثر، انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٣١١، و"معاني النحاس" ٢/ ٤٧٢، والسمرقندي ١/ ٥٠٦، والبغوي ٣/ ١٧٧، وابن عطية ٥/ ٣١٣، وابن الجوزي ٣/ ١٠٣، وابن كثير ٢/ ١٨٤.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٩٨، والقرطبي ٧/ ٦١ - ٦٢.
(٣) في النسخ: (بل طبع الله على قلوبهم)، وهو تحريف. وفي سورة النساء آية ١٥٥ {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِم}، وفي "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨١: (الأجود أنه بمنزلة {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [النحل: ١٠٨]، فذلك تزيين أعمالهم، قال الله {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِم}) ا. هـ.
(٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨١.
(٥) القدرية تزعم أن العبد يخلق فعله، والكفر والمعاصي ليست بتقدير الله تعالى, وقولهم باطل. انظر مذهبهم والرد عليهم في: "الإبانة" للأشعري ص ٥٦, و"الشريعة"، للآجري ص ١٢٨، و"شرح الطحاوية" لابن أبي العز ٢/ ٣٥٥.
(٦) ذكر نحوه القرطبي ٧/ ٦٢، والخازن ٢/ ١٧٠، وانظر: "الفتاوى" ١٤/ ٢٩٠، =

<<  <  ج: ص:  >  >>