للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١١٠ - قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ} الآية. قال ابن عباس: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وهو ساجد ذات ليلة: يا رحمن، فسمعه أبوجهل -وهم لا يعرفون الرحمن-، فقال: إن محمدًا ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهًا آخر مع الله يقال له: الرحمن، فأنزل الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ} (١) ,أي: قل يا محمد: ادعوا الله يا معشر المشركين (٢)، {أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} أي إن شئتم قولوا: يا الله، وإن شئتم قولوا: يا رحمن.

{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} قال أبو إسحاق: أعلمهم الله أن دعاءهم الله ودعاءهم الرحمن يرجعان إلى واحدٍ، فقال: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} المعنى أي أسماء الله تدعوا {فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (٣).

وقال المبرد: يقول إذا دعوتم الله الرحمن فإنما تدعون واحداً، يعني أن تَخْيِيره (٤) بين أن يُدْعى الله وبين أن يدعى الرحمن إنّما هو لأنهما واحد، يَدلّ على هذا: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (٥) قال النحويون: (أي) في الكلام تقع في ثلاثة مواضع؛ أحدها: الاستفهام، والآخر: الجزاء، والثالث: الخبر (٦)، فإذا كان استفهامًا أو جزاءً لم تَحْتَج إلى صلة، وعمل


(١) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٨٢، بنحوه من طريق أبي الجوزاء (ضعيفة)، وورد بنحوه في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٢٣ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٨١، و"الطوسي" ٦/ ٥٣٣، وأورده المؤلف في "أسباب النزول" ص ٣٠٢، بنحوه بلا سند، وأورده السيوطي في "الدر" و"اللباب" ٥/ ٣٤٨، ص ١٤٢ وعزاه إلى ابن مردويه.
(٢) في جميع النسخ: (يا معشر المؤمنين)، والصواب ما أثبته، كما في "الطبري" ١٥/ ١٨٢، و"ابن كثير" ٣/ ٧٧، وسياق الكلام يدل عليه.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦٤، بنصه
(٤) في (أ)، (د)، (ش): (يختبره)، والمثبت من (ع).
(٥) لم أقف عليه.
(٦) ذكر في "الأزهية" أنها تأتي على سنة أوجه: تكون جزاءً، واستفهامًا، وخبرًا, وتعجبًا، ونداءً، ونعتًا فيه معنى المدح، انظر:"حروف المعاني" للزجاجي ص ٦٢، و"الأزهية" ص ١٠٦، و"مغني اللبيب" ص ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>