للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجني على نفسك؟ (١)، وكقول الشاعر (٢):

هوت أمه ما يبعث الصبح غاديًا ... وماذا يؤدي الليل حين يؤوب

فهذا الاستفهام معناه التعظيم لشأن من ذكر، والتهويل منه.

وقال بعض أصحاب المعاني (٣): تقدير الآية {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} أي أعلمتم؛ لأن هذا من رؤية القلب فيكون معناه العلم، ماذا يستعجل المجرمون من العذاب إن أتاكم بياتًا أو نهارًا؟ أي: أعلمتم أي شيء استعجلوه (٤) إن أتاكم، يعني في العظم (٥) والفظاعة، وهذا على التقديم والتأخير.

٥١ - وقوله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ}، دخول ألف الاستفهام على (ثم) للتقرير والتوبيخ، ومعناه: إن أهل الكفر قالوا: نكذب بالعذاب ونستعجله، ثم إذا ما وقع آمنا به، فقال الله -عز وجل- موبخًا ومقررًا: أثم إذا ما وقع وحلّ بكم آمنتم به؟ يقول لنبيه عليه السلام: قل لهم: أثم تؤمنون به بعد أن نزل بكم فلا يقبل منكم الإيمان، ويقال لكم: الآن تؤمنون وقد كنتم به تستعجلون في الدنيا مستهزئين ومعاندين للحق؟.


(١) ذكره القرطبي في "تفسيره" ٨/ ٣٥٠ دون نسبة.
(٢) هو: كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه. انظر: "الصحاح" (هوى) ٦/ ٢٥٣٩، "تهذيب اللغة" (هوى) ٦/ ٤٩٢، "الأمالي" للقالي ٢/ ١٥٠، "التكملة" للصغاني (هـ وى) ٦/ ٥٤٠، "لسان العرب" (هوا) ١٥/ ٣٧٣.
ومعنى هوت أمة: أي هلكت، كما في المصدر الأخير، نفس الموضع.
(٣) يعني الحوفي، انظر: "البحر المحيط" ٦/ ٦٨، "الدر المصون" ٦/ ٢١٥، والنسخة التي بين يدي من كتابه "البرهان" ينقصها سورة يونس، وبعض سورة التوبة.
(٤) هكذا، والسياق يقتضي أن يقول: استعجلتموه.
(٥) في (ج): (العلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>