للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أردتم أكله فدوسوه، ودعوا الباقي في سنبله لا يتسوّس. وقال المفسرون (١): إنما قال (فذروه في سنبله)؛ لأنه أبقى له وأبعد من الفساد، وذلك لأنه إذا ديس ثم طال مكثه فسد، فأشار عليهم بما فيه الصلاح.

واختلفوا في أن جواب يوسف كان من علمه أو بوحي من الله تعالى؟ فذهب بعض المفسرين إلى أنه بنى على ما علّمه الله من تأويل الرؤيا، وذهب بعضهم إلى أنه كان بوحي الله، واحتجوا على هذه بقوله: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} وهذا العام لم يعلمه إلا بالوحي من أجل أنه لم يدخل في سؤال السائل (٢).

٤٨ - قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ}.

قال المفسرون: يعني سبع سنين مجدبات، والشداد الصعاب التي يشتد على الناس.

وقوله تعالى: {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} قال ابن الأنباري (٣): هذا من المجاز الذي يعني به: يفنين ما قدمتم فيه لهن، فشَبّه الإفناء بالأكل، كما تقول العرب: قد أكل السيرُ لحمَ الناقة، وهم يعنون ذهب به وأفناه. وأنشد


(١) الطبري ١٢/ ٢٣٠، الثعلبي ٧/ ٨٦ ب، البغوي ٤/ ٢٤٧، ابن عطية ٧/ ٥٢٥، ابن كثير ٢/ ٥٢٧.
(٢) قلت: الراجح والله أعلم أن الإخبار عن سني الجدب بعد سني الخصب هو من قبيل التعبير لرؤيا الملك، وأما قوله {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} فهو من الوحي الذي آتاه الله دلالة على نبوته وحجة على صدقه، انظر: الطبري ١٢/ ٢٣٢ ابن عطية ٧/ ٥٢٥، الرازي ١٨/ ١٥٠، القرطبي ٩/ ٢٠٤، الثعلبي ٧/ ٨٦ ب.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٣، الرازي ١٨/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>