للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومذهب الشافعي أنه يجب على الحاكم منا أن يحكم بين أهل الذمة إذا تحاكموا إليه؛ لأن في إمضاء حكم الإسلام عليهم صغارًا لهم (١).

فأما المُعاهدون الذين لهم مع المسلمين عهد إلى مدة، فليس بواجب على الحاكم أن يحكم بينهم، بل يخير في ذلك، وهذا التخيير الذي في هذه الآية إنما يثبت للحاكم بين المعاهدين (٢).

قال الشافعي: لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وادع اليهود كافة (٣)، فالتخيير بهذا السبب.

فأما إذا قبلوا الجزية ورضوا بجريان أحكامها عليهم، فليس للحاكم أن يُعرض عنهم إذا تحاكموا إليه (٤).

قال أبو عبيد: وهذا هو الأولى عندنا؛ لأن في ردهم إلى أحكامهم معونةً على جورهم وأخذهم الرشا في الحكم (٥).

٤٣ - قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} الآية.

هذا تعجب من الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - من تحكيم اليهود إياه بعد علمهم بما في التوراة من حكم الزاني وحده، ثم إعراضهم وتركهم القبول لحكمه وإنكارهم ذلك، فعدلوا عما يعتقدونه حكمًا إلى ما يجحدون أنه من عند الله طلبًا للرخصة، فظهر جهلهم وعنادهم في هذه القصة من وجوه: أحدها:


(١) انظر: "الأم" ٤/ ٢١٠، "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٢٩٦.
(٢) انظر: "الأم" ٤/ ٢١٠، والشافعي -رحمه الله- اعتبر هؤلاء: الموادعين، أما المعاهدون فلا خيار في حقهم وسيأتي قريبًا.
(٣) "الأم" ٦/ ٢١٠.
(٤) انظر: "الأم" ٤/ ٢١٠، وهؤلاء هم المعاهدون.
(٥) انظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>