للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال (١)؛ لأن تنزيل المطر بمعنى: المطر؛ لأن المطر لا يكون إلا تنزيلاً، كما أن الرياح لا تُعرف إلا بمرورها (٢)؛ يعني أن قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ} بمعنى: من قبل المطر عن الإنزال حتى يقال: إن قبل الأولى للإنزال، والثانية للمطر، كما قال قطرب (٣).

وقوله: {لَمُبْلِسِينَ} أي: آيسين قانطين من المطر. قاله ابن عباس ومقاتل (٤). والتقدير: وما كانوا إلا مبلسين. وقد تقدم لهذا نظائر.

٥٠ - قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} أي: بعد إنزال المطر، فانظر إلى حُسنِ تأثيره في الأرض. وتقرأ (آثَارِ) على الجمع (٥)؛ فمن أفرد فلأنه مضاف إلى مفرد. ومن جمع جاز؛ لأن رحمة الله يجوز أن يراد بها:


(١) هكذا في النسختين: (قال). والصواب: ما قالوا، كما هو واضح من سياق الكلام عند الزجاج، حيث قال: "وقال الأخفش وغيره من البصريين: تكرير قبل، على جهة التوكيد، والمعنى: وإن كانوا من قبل تنزيل المطر لمبلسين، والقول كما قالوا؛ لأن تنزيل المطر .. ".
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٩.
(٣) ويمكن حمل الضمير في قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِهِ} على لفظ الاستبشار المفهوم من قوله: {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} أو على الحال الموصوف في الآية السابقة إجمالًا المتضمن وصف السحاب وكيفية تكونه وسوقه وبسطه في السماء قبل خروج الودق منه وأثنائه، وهذا -كما يظهر- أحسن وأولى بالسياق من القول بالإطناب. والله أعلم.
(٤) "تفسير مقاتل" ٨٠ ب. وأخرجه ابن جرير ٢١/ ٥٤، عن قتادة. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤٢، ولم ينسبه.
(٥) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: {إِلَى أَثَرِ} واحدة بغير ألف، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: {ءَاثَرِ} جماعة. "السبعة في القراءات" ص ٥٠٨، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٤٨، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>