للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَعْمَهُونَ}. قال أهل اللغة: (الْعَمِه والعَامِه) الذي يتردد متحيراً لا يهتدي لطريقه ومذهبه، ومعنى (١) {يَعْمَهُونَ}: يتحيرون، وقد عَمِه يَعْمَه عَمَهاً فهو عَمِه إذا حار عن الحق (٢).

قال أهل المعاني: قوله: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} كالتفسير لقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} لأن معناه يطول أعمارهم ومدتهم ليتحيروا في طغيانهم وكفرهم، مكراً (٣) بهم، وهم يحسبون أن ذلك مسارعة لهم في الخيرات، ولا يشعرون أنه عقوبة لهم في الحقيقة (٤).

١٦ - قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} الآية. حقيقة الاشتراء: الاستبدال، وكل اشتراء استبدال، وليس كل استبدال اشتراء، ووضع الاشتراء موضع الاستبدال هاهنا، لأنه أدل على الرغبة (٥)، وذلك أن المشتري للشيء (٦) محتاج إليه راغب فيه، فهو أبلغ من لفظ الأصل مع ما فيه من حسن التصرف في الكلام، والرب تجعل من آثر شيئاً على شيء مشترياً له وبائعاً للآخر، وإن لم يكن ثم شراء ولا بيع ظاهر (٧).


(١) في (ب): (معي).
(٢) "تهذيب اللغة" (عمه) ٣/ ٢٥٧٥، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٤٨ ب.
(٣) في (ب): (ومكرا).
(٤) هذا على أن (يمدهم) من المد بمعنى الإمهال والتطويل، وقد سبق بيان ذلك عند قوله {وَيَمُدُّهُمْ}، وأنظر "تفسير الطبري" ١/ ١٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٦، "الكشاف" ١/ ١٨٨.
(٥) في (أ): (الرعية).
(٦) في (ب): (التي).
(٧) انظر. "تفسير الطبري" ١/ ١٣٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٧٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٠، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٣، =

<<  <  ج: ص:  >  >>