للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ}، قال عطاء: يريد لما كان في الجاهلية (حليم) عن عقابكم منذ آمنتم وصدقتم (١)، وقال أهل العلم في هذه الآية: الذي يجوز أن يسأل عنه هو ما يجوز أن يعمل عليه في أمر دين أو دنيا، والذي لا يجوز أن يسأل عنه هو ما لا يجوز أن يعمل عليه في أمر دين أو دنيا , ولهذا لم يجز أن يسأل: من أبي؟ لأنه لا يجوز أن يعمل في هذا إلا على أن الولد للفراش.

١٠٢ - قوله تعالى: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ}، قال ابن عباس والمفسرون: يعني قوم عيسى سألوا المائدة ثم كفروا بها، وقوم صالح سألوا الناقة ثم عقروها وكفروا بها (٢).

فالكناية على هذا التفسير في قوله (سألها) تعود إلى الآيات. وهذا السؤال في هذه الآيات يخالف معناه معنى السؤال في قوله: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} وقوله: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا}، ألا ترى أن السؤال في الآية الأولى قد عدي بالجار، وههنا عدي بغير الجار؛ لأن معنى السؤال ههنا طلب لعين الشيء، كما تقول: سألتك درهما، أي: طلبته منك، والسؤال في الآية الأولى سؤال عن حال الشيء، كما تقول: سألتك عن شيء، أي عن حاله وهيئته وكيفيته. وإنما عطف عز وجل بقوله: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ} علي ما قبلها وليست بمثل نظمها في التأويل؛ لأنه عز وجل إنما نهاهم عن تكلف ما لم يكلفوا وهو مرتفع عنهم، وأعلمهم أنهم في هذا التكلف مثل أولئك على موسى وعيسى في تكلف (٣) ما لم يكلفوا، وطلب ما لم يعْنِهم مما كان الإعراض


(١) لم أقف عليه.
(٢) أخرجه بمعناه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٨٥، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٤٣٦.
(٣) في (ج): (تكليف).

<<  <  ج: ص:  >  >>