للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَكِينٍ} [المؤمنون: ١٣] يعني: ابن آدم؛ لأن آدم لم يجعل نطفة في قرار، ولكنه لما ذكر الإنسان والمراد به آدم دل ذلك على إنسان مثله وعرف ذلك بفحوى الكلام، والمعنى: (وإن تسألوا عنها) أي: عن أشياء حين ينزل القرآن فيها من فرض أو إيجاب أو نهي أو حكم أو ندب، ومست حاجتكم إلى ما هو من جملة ما نزل فيه القرآن، وليس في ظاهر ما نزل ولا في باطنه دليل على شرح ما بكم إليه حاجة، فإذا سألتم عنها حينئذٍ تبد لكم (١)، ومثال هذا: أن الله تعالى لما بين عدة المطلقة، والمتوفى عنها زوجها، والحامل لم يكن في عدد هؤلاء دليل على عدة التي ليست بذات قرءٍ ولا حامل فسألوا عنها، فأنزل الله تعالى (٢) قوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: ٤]، فأما ما سوى هذا وأشباهه فما لم ينزل فيه قرآن وكان مرفوعاً عنهم، ولم يكلفوه، ولم تكن بهم حاجة إليه، فالسؤال عنه محظور بحكم هذه الآية، هذا معنى كلامه وبعض لفظه.

وقوله تعالى: في {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا}، قد ذكرنا أنه على التقديم، وقال بعضهم: ليس على التقديم، والمعنى: قد عفا الله عن مسألتها، أي عن مسألتكم عنها، فيكون العفو عن مسألتهم التي سلف منهم مما كرهه النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم الله أن يعودوا إلى مثلها، وأخبر أنه عفا عما فعلوا (٣)، وجازت الكناية عن المسألة لأن (لا تسألوا) دليل عليها. وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء (٤).


(١) "تفسير الطبري" ٧/ ٨٤.
(٢) ساقط من (ج).
(٣) "تفسير الطبري" ٧/ ٨٥، "النكت والعيون" ٢/ ٧١.
(٤) "تفسير الطبري" ٧/ ٨٥، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>