للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا لم أحكم الأدب بجد وتعب لم أرم في غرض التفسير عن كثب .. (١). فيدل هذا النص من كلام الواحدي على مقدار ما بذل في سبيل تحصيل الأدب وكم من دواوين الشعر قرأها واستوعب ما فيها، وأنه يرى أن ذلك طريق لتفسير كتاب الله. وقبل كلامه هذا ساق الآثار عن السلف في بيان مكانة الشعر العربي في تفسير القرآن فيروي عن سعيد بن المسيب قصة عمر -رضي الله عنه- وهو على المنبر وفيها يقول عمر: يا أيها الناس: عليكم بديوانكم لا يضل، قالوا: وما ديواننا؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.

ويروي بسنده عن ابن عباس قال: إذا قرأ أحدكم شيئًا من القرآن فلم يدر ما تفسيره فليلتمسه في الشعر فإنه ديوان العرب.

وبسنده عن ابن عباس: أنه كان يسأل عن الشيء من عربية القرآن فينشد الشعر.

ألا يدل سياق الواحدي لتلك الآثار في مقدمة كتابه "البسيط" على ما كان يراه من مكانة هامة للشعر العربي في تفسير القرآن؟

ثم إن الواحدي قد حاول قول الشعر من صغره حتى تكونت لديه ملكة شعرية وقد عده بعضهم شاعرًا (٢)، تلك الملكة مكنته من اختيار أجزل الشعر وأرصنه للاستشهاد به على مسائل اللغة والنحو وغيرهما.

وقد حوى كتاب "البسيط" المئات من الشواهد الشعرية مما يقل مثله في كتب التفسير الأخرى.

وأكثر الشواهد الشعرية جاءت في المسائل اللغوية، أو النحوية، أو


(١) مقدمة "البسيط".
(٢) قال ذلك الأسنوي، انظر ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>