للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو إسحاق: ومنهم من يقبل إليك بالنظر وهو كالأعمى من بغضه لك، وكراهته ما يراه من آياتك (١)، هذا على القول الأول في الآية الأولى (٢)، وعلى القول الثاني (٣) معناه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} فيبصرك ويراك ولا يؤمن بك، وأنت (٤) لا تقدر على أن توفقه للإيمان كما لا تقدر أن تخلق للأعمى بصرًا يهتدي به، وذكر ابن قتيبة: أن الله فضل السمع على البصر حيث قرن بذهاب السمع ذهاب العقل، ولم يقرن بذهاب النظر إلا ذهاب البصر (٥).

قال ابن الأنباري: وهذا عندي غلط؛ لأن الذي نفاه الله مع السمع بمنزلة الذي نفاه مع البصر؛ إذ كان الله -عز وجل- أراد إبصار القلوب، ولم يرد إبصار العيون، فالذي يبصره القلب هو الذي يعقله. وهذا الذي ذكره أبو بكر يكون على القول الأول في الآيتين، وعلى القول الثاني: يقال: إن الله تعالى نفى العقل [عن (٦) الصم لا من حيث أن فقد السمع يوجب فقد العقل، ولكنه زاد نفي العقل] (٧) تأكيدًا؛ يقول: لا تقدر أن تسمع الصم الذين لا يعقلون؛ لأن الأصم إذا كان غير عاقل كان أبعد من الانتفاع بما يقال له، فإنه لا يفهم الإشارة أيضًا، وإذا كان عاقلًا فهم الإشارة، فقامت له مقام


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٢.
(٢) وهو أنهم لشدة بغضهم لمحمد بمنزلة الصم.
(٣) وهو أنهم يستمعون القرآن وهم بمنزلة الصم لعدم التوفيق.
(٤) في (ح) و (ز): (وإنك).
(٥) "تأويل مشكل القرآن" ص ٧.
(٦) في (ى): (على)، وهو خطأ.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>