للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موسى إلى ذلك من قوله، وأشاعَ تعظيم مُلْكَ ربه فقال: {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} الآية.

والجواب الثاني: أن موسى علم أن قصده في السؤال معرفةُ من سأل عنه فأجاب بما يعلم من صفاته؛ لأن الذي يجب على المسؤول أن يُخبر بما يعلم، فكأن موسى أجاب عن معنى السؤال بما يَعرف، ولم يلتفتْ إلى ظاهره.

وقيل: إن موسى عَلِم أن فرعون يعلم أن اللهَ ربُّه؛ وإن أظهر غير ما يعلم، فلما قال له: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} لم يقع في نفسه أنه يَسأل عن ربه ليُحدده، بل قَدَّر أنه يسأله عن مُلك ربه؛ فكأن التقدير: وما مُلك رب العالمين؟ فقال: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ} الآية. وغير ممتنع في اللغة أن يُجاب السائل في قوله (١) ما ملك ربك؟ بأن يقال: ربُّك مَلِك العراق وخراسان، ومالك أكثر الأرض. انتهى كلامه (٢).

قال الكلبي: {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} أنه خلق ذلك (٣).

وقال أهل المعاني: {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} أن ما تعاينونه كما تعاينونه (٤). يعني: إن كنتم تثبتون المشاهدات والمعقولات؛ لأن من أثبت المعقول لا يكاد يخفى عليه الخالق إذا شاهد المخلوق.


(١) (في قوله) من نسخة (أ).
(٢) قال ابن كثير ٦/ ١٣٨: "ومن زعم من أهل المنطق وغيرهم أن هذا سؤال عن الماهية فقد غلط، فإنه لم يكن مقراً بالصانع حتى يسأل عن الماهية بل كان جاحداً له بالكلية فيما يظهر".
(٣) "تنوير المقباس" ٣٠٧. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٠٩ ب، منسوبًا للكلبي. وذكره في "الوسيط" ٣/ ٣٥٢، ولم ينسبه.
(٤) "تفسير ابن جرير" ١٩/ ٦٩. وهو بنصه، في "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٠٩ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>