للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكثرتهم، وقد غَرَّرتموهم بالأيمان فسكَنُوا إليها (١).

وبيان هذه الجملة: أن القوم إذا عاهدوا قومًا أكثر من الذين عاهدوا فهم أمة أربى من أمة، لا يجوز لهم أن يغدروا، وكذلك إن كان على القلب من هذا (٢) وعاهدوهم؛ دخلوا في حلفهم خوفًا منهم لم يجز لهم الغدر، وتلخيص التأويل: النهي عن أن يحلف على ما هو منطوٍ على خلافه وأن يغر غيره بيمينه.

وقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ} ظاهره إخبار ومعناه النهي، والتقدير: لا تكونوا كتلك المرأة؛ متخذين أيمانكم للغش، بأن يكون قوم أكثر من قوم، قال الفراء: وموضع {أَرْبَى} نصب، وإن شئت رفعت؛ كما تقول: أظن رجلًا يكون هو أفضل منك، و (أفضل) النصبُ على العِمَاد (٣)، والرفع على أن تجعل (هو) اسمًا (٤)، قال الزجاج: موضع {أَرْبَى} رفعٌ ولا يجوز أن تكون نصبًا وهي تكون عمادًا؛ لأن العماد والفصل لا يكون مع النكرات وإنما يكون مع المعارف، كقوله: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} [المزمل: ٢٠]، والهاء في تجدوه معرفة، و {أُمَّةٌ} هاهنا نكرة (٥).


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٣، بنصه.
(٢) أي على العكس من الحالة الأولى؛ بأن كانوا هم الأكثر والأقوى.
(٣) العماد تَسْمِيةٌ كوفية لضمير الفصل، سمي بذلك لأنه يُعتمد عليه في التفرقة بين النعت والخبر؛ حيث يأتي ليبين أن ما بعد المبتدأ هو الخبر لا التابع، وله شروط. انظر: "البيان في غريب إعراب القرآن" ٢/ ٨٣، و"الدر المصون" ٧/ ٢٨٢، و"معجم القواعد العربية" للدّقر ص٢٩٤، و"المعجم المفصل في النحو العربي" ٢/ ٦٩٦، و"معجم المصطلحات النحوية والصرفية" ص ١٧٣.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٣، بنصه.
(٥) ليس في معانيه، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٢١، بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>