للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} قال ابن عباس: جعل لكم الليل لتأووا فيه مع أزواجكم، والنهار لتلتمسوا فيه من فضل الله.

وقال الكلبي: السكون بالليل، والتماس المعيشة بالنهار (١). وعلي هذا قال الفراء: تجعل الهاء في قوله: {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} راجعة على الليل خاصة، وأَضمرتْ للابتغاء هاءً أخرى تكون للنهار، قال: وإن شئت جعلت الليل والنهار كالفعلين؛ لأنهما ظلمة وضوء، فرَجتْ الهاء في {فِيهِ} عليهما جميعًا، كما تقول: إقبالك وإدبارك يؤذيني؛ لأنهما فعل، والفعل يُرَدُّ كثيره وتثنيته إلى التوحيد، فيكون ذلك صوابًا (٢).

وذكر أبو إسحاق الوجهين أيضًا؛ فقال في الوجه الأول: المعنى: {لِتَسْكُنُوا} بالليل، وتبتغوا من فضله بالنهار، قال: وجائز: أن تسكنوا فيهما، وأن تبتغوا من فضل الله فيهما، فيكون المعنى: جعل الله لكم الزمان ليلاً ونهارًا {لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} (٣).

وقال المبرد: السكون إنما هو في الليل، والابتغاء من فضله يكون بالنهار، ولكن لما عطف أحدهما على الآخر، أُخرجا مخرج الواحد الجامع للشيئين. ونظير هذا من الكلام: لئن لقيت زيدًا وعمرًا، لتلقين منهما شجاعة وفصاحة؛ على أن الفصاحة لأحدهما، والشجاعة لأحدهما.

وقوله تعالى: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي الذي أنعم عليكم بهما فتوحدونه. قاله مقاتل (٤).


(١) "تنوير المقباس" ٣٣٠.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٠.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٣.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٨ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>