للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الفراء: على فضلٍ عندي، أي: كنت أهله ومستحقًا له (١) إذ أعطيته لفضل علمي (٢). ويروى أنه كان أقرأَ رجلٍ في بني إسرائيل للتوراة؛ فقال: إنما فضلني الله بهذا المال عليكم كما فضلني عليكم بالعلم (٣). وهذا معنى قول مقاتل: على خيرٍ عَلِمه الله عندي (٤).

وقال ابن عباس في رواية عطاء: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} فكفر؛ يعني: كفر لَمَّا رأى أن المال حصل له بعلمه، ولم يَرَ ذلك من عطاء الله إياه، فكأنه أراد: بعلمه في التصرف، وأنواع المكاسب؛ ويدل على هذا المعنى ما روى علي بن زيد بن جُدعان، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل (٥) أنه ذَكَر سليمان بن داود فيما أوتي من الملك، ثم قرأ قوله: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} [النمل: ٤٠] ولم يقل: هذا من كرامتي، ثم ذكر قارون فقال: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} يعني أن سليمان -عليه السلام- رأى ما أُعطي فضلاً من الله عليه، وقارون رأى ذلك من نفسه (٦).


(١) في نسخة: (ج): ومستحقه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١١. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٥، ولم ينسبه. وأخرج نحوه ابن جرير ٢٠/ ١١٣، عن ابن زيد، وكذا ابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١٢، وأخرج نحوه أيضًا عن السدي.
(٣) ذكره نحوه الثعلبي ١٥٢ أ، ولم ينسبه.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٩ أ.
(٥) عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث الهاشمي، أبو محمد المدني، أمير البصرة، ولد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبيه وجده صحبة، مجمع على ثقته، حدث عن عمر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وغيرهم -رضي الله عنهم- حدث عنه ابنه إسحاق، وعبد الله، وابن شهاب، وعمر بن عبد العزيز، وآخرون. ت: ٧٩ هـ، وقيل غير ذلك. "سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٠٠، و"تقريب التهذيب" ٤٩٨.
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>