للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس: يقول في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد إلا بعدًا (١). وهذا قول الحسن وقتادة؛ قالا: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فليست صلاته بصلاة، هي وبال عليه (٢).

ومعنى هذا التأويل: أن الله تعالى أخبر أن الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر، فمن أقامها ثم لم ينته عن المعاصي لم تكن صلاته بالصفة التي وصفها الله تعالى، وإذا لم تكن بتلك الصفة لم تكن صلاة، فإن تاب هذا المقيمُ الصلاةَ يومًا وترك معاصيه، تبين أن ذلك من نهي الصلاة، وأن صلاته كانت نافعة له ناهية، وإن لم ينته إلا بعد زمان؛ كما روي أن رجلاً


- قال ابن كثير ٣/ ٤١٥: والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود، وابن عباس والحسن، وقتادة، والأعمش، وغيرهم، والله أعلم. وذهب إلى هذا الألباني؛ فقد قال بعد أن ساق روايات الحديث وطرقه: وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما صح من قول ابن مسعود، والحسن البصري، وروي عن ابن عباس، ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: الإيمان, إلا موقوفاً على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما. وقد نقد متن الحديث شيخ الإسلام رحمه الله لمخالفته لظاهر الآية؛ قال: هذا الحديث ليس بثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدًا، بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه وإن كان فاسقًا. ذكر هذا عن الشيخ الألباني، ونسبه لمخطوطة اطلع عليها في المكتبة الظاهرية، تحت عنوان: فقه حنبلي ٣/ ١٢/ ١ - ٣. وقد تكلم عن نقد متن هذا الحديث باستفاضة الألباني، "سلسلة الأحاديث الضعيفة" ١/ ١٥، رقم الحديث (٢).
(١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١٥٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٦٦. وذكره الثعلبي ٨/ ١٦٠ أ، عن ابن عباس، وابن مسعود.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٦٩. وأخرجه عنهما ابن جرير ٢٠/ ١٥٥، بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>