للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذكر: أن يذكره عندما حَرَّم، ويذكره عندما أحلَّ، فيأخذ ما أحل (١). والمعنى على هذا الوجه أن الله تعالى أخبر أن ذكره على كل الأحوال أكبر وأفضل؛ وذلك أن العبد إذا كان ذاكرًا الله في كل حال، لم يجر عليه القلم بمعصية؛ لأنه إذا ذكر ارتدع عما يهم به من السوء. فأما من يذكره بلسانه وهو مع ذلك يرتكب محظورًا، وما لا يحل، فليس هو ذاكرًا الله على الحقيقة. وعلى هذا لا تعلق لقوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ} بما قبله.

وقال الفراء وابن قتيبة في هذا الوجه: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ} هو: التسبيح والتهليل، يقول: هو أكبر وأحرى وأحق بأن ينهى عن الفحشاء والمنكر (٢). فعلى الوجه الأول: المصدر الذي هو الذكر مضاف إلى الفاعل، وفي الوجه الثاني: مضاف إلى المفعول، وإن قال قائل في معنى الآية على الوجه الثاني: إن الله تعالى أمر نبيه -عليه السلام- بتلاوة القرآن وإقام الصلاة، ثم قال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} يعني: تلاوة القرآن، أخبر أنه أكبر وأفضل من كل شيء، فالمراد بذكر الله في الآية: تلاوة القرآن (٣). ويجوز أن يكون المعنى: وذكر الله الذي هو تلاوة القرآن، أكبر من الصلاة، فهو أحرى أن


= يرفعه. وهذا إسناد لا يصح؛ فيه ضعف وانقطاع، فجويبر ضعيف جدًا، "تقريب التهذيب" ٢٠٥، رقم (٩٩٤). والضحاك لم يلق ابن مسعود. "تهذيب التهذيب" ٤/ ٣٩٧.
(١) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦٠ ب.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٧. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٨.
(٣) ذكر هذا القول ابن جرير ٢٠/ ١٥٤، فقال: قال بعضهم: عني بها القرآن الذي يقرأ في موضع الصلاة، أو في الصلاة. ثم أخرج بسنده عن ابن عمر، قال: القرآن الذي يقرأ في المساجد. ولم يحكه عن غيره. وذكره عن ابن عمر، الثعلبي ٨/ ١٦٠ أ، ولفظه: القرآن ينهى عن الفحشاء والمنكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>