للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَقُولُوا آمَنَّا} يعني: لأهل الكتاب سوى هؤلاء الظلمة. ثم نُسخ هذا بالقتال. وهذا معنى قول الكلبي وقتادة ومجاهد في رواية ابن أبي نجيح (١).

وقال آخرون: المراد بأهل الكتاب هاهنا: عبد الله بن سلام، ومن آمن منهم يقول: لا تجادلوهم وأخبروهم عما في القرآن {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} يعني: مشركيهم يقول: جادلوا الذين كفروا حتى تردوهم عن كفرهم. وهذا معنى قول مقاتل وابن عباس في رواية عطاء (٢).


(١) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٨، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٦٨، والنحاس، في "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٥٧٧، عن قتادة. ورواية ابن أبي نجيح عن مجاهد أخرجها ابن جرير ٢١/ ١، وليس فيها ذكر النسخ، بل يدل كلامه على أنها محكمة يراد بها ذوو العهد لا يجادلوا، وإنما يجادل من لا عهد له ويقاتل حتى يعطي الجزية. "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه"، لمكي بن أبي طالب (٣٨٧). لكن ذَكَر النسخ عن مجاهد الثعلبي ٨/ ١٦١ ب، وممن ذهب إلى أن الآية منسوخة بآية السيف مقاتل، "تفسير مقاتل" ٧٤ أ. وهذا يقال فيه مثل ما قيل فيما سبق عند قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣)} [الفرقان: ٦٣]. وقد رجح ابن جرير ٢١/ ٢، أن أولى الأقوال: إلا الذين امتنعوا من أداء الجزية، ونصبوا دونها الحرب. ورد ردًا حسنًا على من ذهب إلى أن الآية منسوخة.
وحاصل الأقوال في هذه الآية ثلاثة:
١ - الآية منسوخة.
٢ - الآية محكمة يراد بها من آمن منهم.
٣ - الآية محكمة يراد بها ذوو العهد منهم.
قال النحاس بعد ذكره هذه الأقوال: وقول مجاهد حسن؛ لأن أحكام الله -عز وجل- لا ينغي أن يقال فيها: إنها منسوخة إلا بخبر يقطع العذر "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٥٧٧.
(٢) "تفسير مقاتل" ٧٤ أ. وذكره النحاس عن ابن زيد، ولفظه: لا يجادل المؤمنون منهم إذا أسلموا، لعلهم يحدثون بالشيء، فيكون كما قالوا {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} من أقام على الكفر يجادل، ويقال له الشر. "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٥٧٧. وعلى هذا تكون الآية محكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>