للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جاء الصفة على هذا المثال نحو قولهم: رجلٌ صَمَيَانٌ للسريع الخفيف (١)، والزَّفَيَان (٢)، قال:

وتحتَ رَحلي زَفَيَانٌ مَيْلَعُ (٣)

فهذا أظهر من أن يقال له وصف بالمصدر، فأما قوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} فيحتمل أن يكون المعنى: وإن حياة الدار الآخرة هي الحياة؛ لأنه لا نقص فيها ولا نفاد لها، أي: فتلك الحياة هي الحياة لا التي يشوبها ما يشوب الحياة في هذه الدار، فيكون الحيوان مصدر على هذا. ويجوز أن يكون الحيوان الذي هو خلاف المَوَتان، وقيل للدار الآخرة: الحيوان؛ لأنها لا تزول ولا تبيد كما تبيد هذه الدار وتزول، فتكون الدار وصفت بالحياة لهذا المعنى، والمراد أهلها.

ويجوز أن يكون التقدير في قوله: {لَهِيَ الْحَيَوَانُ} هي ذات الحيوان، أي: دار الآخرة هي دار الحياة، كأنه لم يعتد بحياة هذه الدار حياة. فأما القول في حروف الحيوان: أن العين واللام مِثْلان في أصل الكلمة، وأبدلت من الثانية الواو لَمَّا لم يسع الإدغام في هذا المثال، ألا ترى أن مثل: شَلَل وطَلَل (٤) يصح ولا يدغم؛ فكذلك الحيوان لَمَّا لم يجز الإدغام


(١) "تهذيب اللغة" ١٢/ ٢٦٠ (صمى).
(٢) لزَّفَيَان: الخفة. "لسان العرب" ١٤/ ٣٥٧ (زفى).
(٣) أنشده الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٣/ ٢٦٥ (زفى) ولم ينسبه. والملْع: سرعة سير الناقة، وناقة مَيْلَع: سريعة. "تهذيب اللغة" ٢/ ٤٢٦ (ملع). وهو في "لسان العرب" ١٤/ ٣٥٧، مع بيتين قبله غير منسوب، وفيه: ناقة زَفيان: سريعة.
(٤) الشلل: ذهاب اليد، يقال: شَلَّت يده تَشلَّ، فهو أشلُّ. "تهذيب اللغة" ١١/ ٢٧٦ (شلل). الطَلَل: ما شخص من الديار، يقال: حيَّا الله طَلَلك وأطلالك: أي: ما =

<<  <  ج: ص:  >  >>