للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حق القرابة، وجائز أن تكون القرابة حق لازم في البر (١).

وقوله: {وَالْمِسْكِينَ} قال ابن عباس: أطعم الطواف (٢)


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٧. والصحيح أن الآية لا نسخ فيها، فحق ذوي القربى ثابت بالإحسان إليهم بالكلام الحسن، والقول المعروف، ووصلهم بالنفقة إذا كانوا محتاجين، ووقع الخلاف بين أهل التفسير هل الأمر في الآية للوجوب أم للندب على قولين؛ قال القرطبي ١٤/ ٣٥: "واختلف في هذه الآية؛ فقيل: إنها منسوخة بآية المواريث، وقيل: لا نسخ، بل للقريب حق لازم في البر على كل حال، وهو الصحيح، قال مجاهد وقتادة: صلة الرحم فرض من الله -عز وجل-، حتى قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة. وقيل: المراد بالقربى أقرباء النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ والأول أصح؛ فإن حقهم مبين في كتاب الله -عز وجل- في قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: ٤١] وقيل: إن الأمر بإيتاء ذي القربى على جهة الندب. قال الحسن: {حَقَّهُ} المواساة في اليسر، وقول ميسور في العسر". وحكى الشوكاني قول القرطبي مقررًا له. "فتح القدير" ٤/ ٢١٩.
قال أبو المظفر السمعاني ٤/ ٢١٥: "أكثر المفسرين على أن المراد من إيتاء ذي القربى هاهنا صلة الرحم بالعطية والهدية، ثم ذكر قول قتادة. وقال القاسمي: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} أي: من البر والصلة. واستدل به أبو حنيفة على وجوب النفقة للمحارم إذا كانوا محتاجين عاجزين عن الكسب؛ لأن {ءاتِ} أمر للوجوب. والظاهر من الحق بقرينة ما قبله أنه: مالي، وهو استدلال متين. "تفسير القاسمي" ١٣/ ١٨١.
قال ابن كثير: "يقول تعالى آمرًا بإعطاء ذي القربى حقه أي: من البر والصلة". "تفسير ابن كثير" ٦/ ٣١٨. وهو قول البغوي ٦/ ٢٧٢. قال أبو حيان ٧/ ١٦٩، بعد ذكر رأي الحنفية: "الظاهر أن الحق ليس الزكاة وإنما يصير حقاً بجهة الإحسان والمساواة". قال ابن عطية ١١/ ٤٥٩: "هذا على جهة الندب". وهذا محمول على إذا لم تكن قرابته محتاجة، إذا كانت قرابته محتاجة فقيرة وهو غني مقتدر فيجب عليه أن يصل قرابته بماله. والله أعلم.
(٢) ذكره عنه القرطبي ١٤/ ٣٥ , بلفظ: أطعم السائل الطواف.

<<  <  ج: ص:  >  >>