للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: مظهره عليك حين ينزل به قرآنًا (١)، والمعنى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتم حبها، وأراد تزوجها، وأمر زيدًا بإمساكها وفي قلبه خلاف ذلك، فأظهر الله عليه ما أخفاه بأن قضى طلاقها وزوجها منه، وأنزل في ذلك القرآن، ولهذا قال عمر وابن مسعود وعائشة والحسن: ما نزلت علي رسول الله آية هي أشد عليه من هذه الآية.

قالت عائشة: لو كتم النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية (٢): {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}.

وقوله: {وَتَخْشَى النَّاسَ} قال مقاتل: تكره قالة الناس في أمر زينب (٣). يعني: تخاف لائمتهم أن يقولوا: أمر رجلاً بطلاق امرأته ثم نكحها حين طلقها، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يصوب رأي زيد في طلاقها من حيث ميل النفس وهوى القلب، ولكنه خاف قالة الناس فذلك قوله: {وَتَخْشَى النَّاسَ}، وقيل: الخشية هاهنا بمعنى الاستحياء، يعني تستحي من الناس أن تأمر رجلاً بطلاق زوجته ثم تتزوجها. والاستحياء قول ابن عباس والحسن والفراء (٤).

وقال عطاء عن ابن عباس: والمراد بالناس هاهنا اليهود، وكانوا يعيبون المؤمنين فخشي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تزوجها أن يقولوا تزوج محمد امرأة


(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٢ ب.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: التوحيد، باب: وكان عرشه على الماء ٦/ ٢٦٩٩، رقم الحديث ٦٩٨٥، عن أنس، ومسلم في كتاب: الإيمان، باب في قوله تعالى {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ١/ ١٦٠، رقم الحديث ٢٨٨ عن عائشة.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٢/ ب.
(٤) انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٥٣١، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>