للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينفد ذلك عنهم كما ينفد شراب أهل الدنيا، فإذا كان معنى لا ينفد شرابهم لأنك إن حملته على أنهم لا يسكرون صرت كأنك كررت لا يسكرون مرتين؛ وإن جعلت لا فيها غول على لا (١) تغتال صحتهم ولا يصيبهم عنها العلل التي تحدث عن شربها حملت ينزفون على أنهم لا يسكرون، وعلى أنهم لا ينفد شرابهم، ومن فتح الزاي أراد لا يسكرون من نزف فهو منزوف إذا سكر، وليس من أفعل، ألا ترى أن أنزف بالمعنيين جميعًا لا يتعدى إلى المفعول به، فإذا لم يتعد إلى المفعول به لم يجز أن يبنى له) (٢) انتهى كلامه.

وأصل النزف في اللغة الاستخراج، يقال نزفتُ البئر إذا استقيتُ ماءها، ونزف فلان دمه إذا استخرجه بحجامة أو فصد وهذا هو الأصل، ونزف الرجل إذا سكر معناه استخرج عقله، وأنزف إذا سكر أي صار إلى حالة نزف العقل عنه، وأنزف إذا نفد شرابه معناه أنه صار إلى حالة نفاد الشراب بنزفه وإنفاده (٣). واختار أبو عبيد كسر الزاي لاحتمال المعنيين (٤). وأما المفسرون فإنهم فسروا لا ينزفون لا يسكرون ولا تذهب عقولهم، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والكلبي ومقاتل (٥).


(١) في (أ): (ألا)، وهو خطأ.
(٢) "الحجة" ٦/ ٥٤ - ٥٥.
(٣) انظر: "مقاليس اللغة" ص ١٠٢٢ (نزف)، "تهذيب اللغة" ١٣/ ٢٢٥ (نزف)، "اللسان" ٩/ ٣٢٥ (نزف).
(٤) لم أقف على اختيار أبي عبيد.
(٥) انظر: "تفسير مجاهد" ص ٥٤٠، "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٤٨، "الطبري" ٢٣/ ٥٥، "تفسير مقاتل" ١١١ أ، "معاني القرآن" للنحاس ٦/ ٢٤، ولم أقف عليه عن الكلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>