للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنهم، ومضيت إليهم، ومضيت عنهم.

وهكذا قال أبو إسحاق الزجاج في هذه الآية كما قال الفراء (١) قال: معنى الآية: أن من أعرض عن القرآن وما فيه من الحكمة إلى أباطيل المضلين، يعاقبه بشيطان يقيضه له حتى يضله ويلازمه قرينًا له، فلا يهتدي مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البين (٢).

قال الأزهري: وأبو عبيدة صاحب معرفة الغريب، وأيام العرب، وهو بليد النظر في باب النحو ومقاييسه، انتهت الحكاية عن الأزهري (٣)، والقول ما اختاره؛ لأن الإعراض عن القرآن صح يعني من العمى عنه، ولهذا الوجه أدلة من التنزيل كقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: ١٢٤] وقوله: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} [الجن: ١٧] والأول ليس ببعيد، ويحمل على أنه يعمى عن الاستدلال بحججه والتأويل في تبيانه، ونظيره من التنزيل قوله: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: ١٠١]

قوله: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} تفسير التقييض قد تقدَّم في سورة السجدة [آية: ٢٥]، قال مقاتل: يعني يضم إليه (٤).

(فهو له) في الدنيا (قرين) يعني صاحبًا يزين له العمى، وقال ابن عباس: فهو له قرين: يريد في الدنيا والآخرة (٥).


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤١١، "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٣٢.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤١٢، لكنه بأخصر مما هنا، وهذا القول بنصه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٥٦ (عشا) وفي "الوسيط" ٤/ ٧٢.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" وقد اختصر المؤلف في بعض المواضع من كلام الأزهري (عشا) ٣/ ٥٥ - ٥٧.
(٤) ذكر ذلك المعنى البغوي ٧/ ٢١٣ ولم ينسبه، ولم أقف عليه عند مقاتل.
(٥) انظر: "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٢٦، "تنوير المقباس" ص ٤٩٢، وقال القرطبي: =

<<  <  ج: ص:  >  >>