للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعت {شَدِيدُ الْقُوَى} (١).

ثم قال: {فَاسْتَوَى} قال صاحب النظم: {فَاسْتَوَى} لا يحسن انتظامه بما قبله؛ لأن دخول الفاء لو كان متصلاً بما قبله لوجب أن يكون ما قبله للاستواء، وهو متصل بما بعده على تأويل {فَاسْتَوَى} أي جبريل {وَهُوَ} أي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا عطف بقوله {وَهُوَ} على الضمير المرفوع في {اسْتَوَى} من غير تأكيد.

قال الفراء: وأكثر كلام العرب إذا نسقوا على المكنى المرفوع أن يؤكدوه (٢) قبل أن ينسقوا عليه فيقولون: استوى هو وأبوه ولا يكادون يقولون: استوى وأبوه، وربما فعلوا ذلك كقول الشاعر:

ألم تر أن النبع يصلب عوده ... ولا يستوى والخروع المتقصف (٣)

قال أبو إسحاق: وهذا عند أهل اللغة لا يجوز مثله إِلَّا في الشعر، وإنما المعنى: استوى جبريل وهو بالأفق الأعلى على (٤) صورته الحقيقية فاستوى لأنه كان يتمثل للنبي -صلى الله عليه وسلم- إذا هبط عليه بالوحي في سورة رجل فأحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يراه على حقيقته فاستوى في أفق المشرق فملأ الأفق، فالمعنى: فاستوى جبريل في الأفق الأعلى على صورته (٥).


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٩٥.
(٢) في (ك): (يؤكده، فيقول).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ٩٥، و"القطع والائتناف" ص ٦٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٨٥، ولم أجد البيت منسوبًا.
(٤) في (ك): (على) ساقطة.
(٥) انظر: "معانى القرآن" للزجاج ٥/ ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>