للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبعد (١).

قال أبو علي: وهو يجوز من وجه على أن تقدره يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس، يحذف الموصوف ويقيم الصفة مقامه، كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤] و {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} [النساء: ٤٦٠] {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [النساء: ١٥٩] {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: ١٠] وحذف الموصوف من هذا كله، كذلك في الآية، وقد جاء في الشعر:

وما راعنا إلا يَسيرُ بشرطةٍ ... وعهدي به قينا يفش بكير (٢)

فإذا قدرت هذا التقدير كان الموصوف محذوفًا، والجار أيضًا يكون محذوفًا، لأن التقدير: وشيء من شواظ، وحذف من؛ لأن ذكره قد تقدم في قوله (من نار) فحسن ذلك حذفها، كما حسن حذف الجار من قولهم:

على من تَنْزِلُ أنْزِلْ

وكما أنشد أبو زيد:

فأصبح من أسماء قيسٌ كقابض ... على الماء لا يدري بما هو قابض (٣)

أي: بما هو قابض عليه، فيكون انجرار {نحاس} على هذا بمن المضمرة لا بالإشراك في من التي جَرّت في قوله {من نار} وإذا كان كذلك


(١) انظر: "حجة القراءات" ص ٦٩٣.
(٢) البيت لمعاوية الأسدي كما في "الخصائص" ٢/ ٤٣٤، و"شرح المفصل" ٤/ ٢٧، و"التصريح بمضمون التوضيح" ١/ ٢٦٨، و"شرح شواهد الألفية" للعيني ٤/ ٤٠٠. وفش الكبير هو نفخه، والكير هو زق أو جلد غليظ ذو حافات.
انظر: "اللسان" ٢/ ١٠٩٧ (فشش)، ٣/ ٣٢١ (كير).
(٣) البيت للعجاج. انظر: "ديوانه" ١/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>