للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويعطونه لئلا يتظالموا لمخالفته فيهلكوا به إذا لم يكن ينتظم لهم عيش مع شيوع ظلم البعض منهم للبعض، ويدل على هذا المعنى قوله جل ذكره: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٧] وذلك أنه تعالى جعل السماء سببًا للأرزاق والأقوات من أنواع الحبوب والنبات فكان ما يخرج منها من أغذية العباد مضطرًا إلى أن يكون اقتسامه بينهم على الإنصاف دون الجزاف، ولم يكن ذلك إلا بالآلة المذكورة، فنبه الله -عَزَّ وَجَلَّ- على موقع الفائدة فيه والفائدة به بتكرير ذكره هذا في الكتاب والميزان, ثم إنه من المعلوم أن الكتاب الجامع للأوامر الإلهية والآلة الموضوعة للتعامل بالسوية، إنما تحفظ العامي على ابتغاها ويضطر العالم إلى التزام أحكامها بالسيف الذي هو حجة الله على من جحد ونزع من صفقه الجماعة اليد، وهو بارق سطوته، وشهاب نقمته، وجذوة عقابه، وعذبة عذابه، وهذا السيف هو الحديد الذي وصفه الله بالبأس الشديد، فجمع بالقول الوجيز معاني كثيرة النقوب، متدانية الجيوب، حكمة المطالع، مقومة المبادئ والمقاطع. انتهى كلامه.

وهذا الذي ذكره من أن المراد بالحديد السيف هو معنى ما ذكرنا من قول المفسرين في تفسير قوله: {بَأْسٌ شَدِيدٌ}.

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ} قد مضى الكلام في بيان هذا العلم في مواضع، والمفسرون يقولون: وليرى الله من ينصره وينصر دينه، كقوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧].

{وَرُسُلَهُ} أي يقاتل مع رسله في سبيله {بِالْغَيْبِ} أي ولم ير الله ولا أحكام الآخرة وإنما يحمد إذا أطاع بالغيب، كما قال الله تعالى {يُؤَمنُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>