للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجب عليه الكفارة (١)، ويدل على هذا أن ابن عباس -رحمه الله- فسر العود في هذه الآية بالندم، فقال في قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} يريد يندمون فيرجعون إلى الألفة والرجعة (٢).

وقال الفراء: يعودون لما قالوا وإلى ما قالوا وفيما قالوا. معناه: يرجعون عما قالوا، قال: ويجوز في العربية أن تقود: عاد لما فعل، أي: فعله مرة أخري، ويجوز عاد لما فعل. أي: نقض ما فعل (٣).

وهذا الذي قاله الفراء يبين صحة ما ذهب إليه الشافعي, لأن المعنى عنده: ثم يعودون لما قالوا بالنقض، وهو السكوت عن الطلاق، وعلى هذا {مَا قَالُوا} لفظ الظهار، ويجوز أن يكون معنى {مَا قَالُوا} المقول فيه. والمقول فيه هو النساء، وما قالوا والمقالة والقول واحد في المعنى. و (ما) هاهنا للمصدر والمفعول يسمى بالمصدر كثيرًا كقولهم: ضرب الأمير، ونسج اليمن. هذا الذي ذكرنا بيان مذهب الشافعي في هذه الآية (٤).

وقال قتادة: فمن حرمها ثم يريد أن يعود لها يطأها {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٥) وهذا مذهب أبي حنيفة وأهل العراق. قالوا: معنى العود: هو العزم على الوطء، فإذا عزم على وطئها ونوى أن يغشاها كان عودًا ويلزمه الكفارة (٦).


(١) انظر: "الأم" ٥/ ٢٦٥، و"المجموع" ١٧/ ٣٦١، "الفقه على المذاهب الأربعة" ٤/ ٥٠٧، و"نيل الأوطار" ٦/ ٢٢٢.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٠٥، و"روح المعاني" ٢٨/ ٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٣٩.
(٤) انظر: "الأم" ٥/ ٢٦٥، وما بعدها، و"المجموع" ١٧/ ٣٦٢.
(٥) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٧، و"الكشف والببان" ١٢/ ٧٧ أ.
(٦) انظر: "البحر الرائق" ٤/ ٩٧، و"تبيبن الحقائق شرح كنوز الدقائق" ٣/ ٣، و"أحكام القرآن" لابن العربي ٤/ ١٧٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>