للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الفراء: وهو مثل تعهدته وتعاهدته (١).

ومعنى {تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} هو أن القوم إذا جلسوا حول النبي -صلى الله عليه وسلم- متضايقين منضمين إليه لم يجد غيرهم ممن يأتي بعدهم مجلسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا تنحوا عنه في الجلوس وتوسعوا وجد غيرهم مكانًا يجلس فيه في فلك الحلقة (٢)، فأمر الله تعالى المؤمنين بالتواضع، وأن يفسحوا في المجلس لمن أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتساوى الناس في الأخذ بالحظ منه (٣).

وقرئ {فِي الْمَجَالِسِ} (٤) والوجه التوحيد؛ لأنه يعني به مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره فهو على إرادة العموم مثل قولهم: كثر الدرهم والدينار. ووجه الجمع أن تجعل لكل جالس مجلسًا. أي موضع جلوس (٥).

قال المبرد: تفسحوا ينبيء عن أن لكل واحد مجلسًا, لأنه لا يجوز أن يكون اثنان يشغلان مكانًا واحداً، وإنما معناه ليفسح كل رجل في


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤١.
(٢) وممن قال بأن المراد بالمجلس مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتادة، ومجاهد، والضحاك، وابن زيد. انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٦٠، و"تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٧٩، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٣، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٧٨.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣٩.
(٤) تقدم تخريجها وهي قراءة عاصم، ومعن السُّلَمي وزِرّ بن حُبيش.
(٥) في (ك): (حلس). وذكر المفسرون في المراد بالمجلس ثلاثة أقوال: مجالس القتال، مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، المجالس والمجامع على عمومها، وقد رجح ابن جرير اطلاقها على مجالس القتال، ومجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ لم يخصص مجلسًا دون آخر. "جامع البيان" ٢٨/ ١٣.
وقال القرطبي: (الصيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه للخير والأجر، سواء كان مجلس حرب، أو ذكر، أو مجلس يوم الجمعة ...) "الجامع" ١٧/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>