للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} إنكارًا عليهم إيذاؤه بعد ما علموا أنه رسول الله، ورسول الله يحترم ويعظم، ولا يؤذى.

قوله: {فَلَمَّا زَاغُوا} قال ابن عباس: مالوا إلى غير الحق (١).

وقال مقاتل: عدلوا عن الحق، {أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} أمالها عن الحق (٢). والمعنى أنهم لما تركوا الحق بإيذاء نبيهم أمال الله قلوبهم وأظلهم وصرفهم عن الدين جزاء لما ارتكبوا، ويدل عليه قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} قال أبو إسحاق: لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق (٣)، وفي هذا تنبيه على عظم إيذاء الرسول حتى أنه يؤدي إلى الكفر ويزيغ القلب عن الهدى.

قوله تعالى: {يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} هاتان جملتان في موقع جر، لأنهما صفتان للنكرة التي هي قوله: {بِرَسُولٍ}، وفي قوله: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} قراءتان: تحريك الياء بالفتح على الأصل، وهو الاختيار في كل موضع تذهب فيه الياء لالتقاء الساكنين (٤)، فإن كان موضع يظهر فيه التحريك والإسكان حسنًا كقوله: {وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦] {وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} (٥) فمن فتح فعلى الأصل، ومن أسكن فجائز، ومن أسكن


(١) "تنوير المقباس" ٦/ ٦١.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٣ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣١٢.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٦٤.
(٤) وهو الاختيار عند الخليل، وسيبويه، وأبي عبيد، قال النحاس: والقول هذا عند أهل العربية أن هذه ياء النفس فمن العرب من يفتحها ومنهم من يسكنها. "إعراب القرآن" ٣/ ٤٢٢.
(٥) من الآية (٢٨) من سورة نوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>