للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال المقاتلان: هو يوم يغبن فيه أهل الحق أهل الباطل، وأهل الهدى أهل الضلالة، وأهل الإيمان أهل الكفر، فلا غبن أبين منه، هؤلاء يدخلون الجنة، وهؤلاء يدخلون النار (١)، وهذا معنى قول جماعة المفسرين (٢).

قال: ويرى الكافر مقعده وأزواجه من الجنة لو آمن ليزداد حسرة، وإذا لم يؤمن ويرثه المؤمنون، فالمغبون من غبن أهله ومنازله في الجنة (٣). وحقيقة المعنى أنا قد ذكرنا أن أهل الغبن والتغابن في البيع والشراء، وقد ذكر الله تعالى أن الكافرين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة (٤)، واشتروا الضلالة بالهدى، ثم ذكر أنهم ما ربحوا في هذه التجارة، فقال {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} (٥) ودل المؤمنين على تجارة رابحة بقوله: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ}


(١) "تفسير مقاتل" ١٥٧ ب، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٢٤، و"تفسير ابن كثير" ٤/ ٣٧٥.
(٢) وروى نحوه عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٧٩، و"جامع البيان" ٢٨/ ٧٩، و "زاد المسير" ٨/ ٢٨٢.
(٣) ويشهد لهذا المعنى الحديث الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل أحد الجنة إلا أُري مقعده من النار لو أساء، ليزداد شكرًا، ولا يدخل النار أحد إلا أُري مقعده من الجنة لو أحسن لبكون عليه حسرة" "صحيح البخاري"، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار ٨/ ١٤٦.
قال ابن حجر: ووقع عند ابن ماجه أيضًا، وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة بلفظ "ما منكم من أحد إلا وله منزلان، منزل في الجنة، ومنزل في النار. فإذا مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله" وذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} "فتح الباري" ١١/ ٤٤٢.
(٤) وذلك في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} سورة البقرة، آية: ٨٦.
(٥) قال تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِين} [سورة البقرة، آية: ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>