للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً} أي: كونوا بتكويننا إياكم وتغييرنا خلقكم قردة (١).

قال ابن الأنباري: كن (٢) ينقسم في كلام العرب على معان: منها: أن يقول الرجل للرجل: كن جبلًا فإني أهدك، وكن حديدًا فإني أغلبك، يريد لوكنت بهذا الوصف لم تَفُتْنِي (٣)، قال الله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: ٥٠] يريد لوكنتم حجارة أو حديدا لنزل بكم الموت ووصل إليكم ألمه، ويقول الرجل للرجل إذا لم يتعلم (٤) العلم: فكن من البهائم، أي عُدَّ نفسَك مُشبهًا لها. قال الأحوص:

إِذَا كُنْتَ عِزْهَاةً عَنِ اللَّهْو والصِّبَا ... فَكُنْ حَجَرًا مِنْ يَابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدَا (٥)

أي فعُدَّ نفسك من الحجارة.


(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٢٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨١، و"البيان" ١/ ٩٠، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٦.
(٢) في (ج): (كمن في).
(٣) في (ب): (تنتنى).
(٤) كذا في (أ)، (ج)، وفي (ب) غير واضحة، ولعل الصواب (تتعلم).
(٥) ويروى شطره الأول كما في شعر الأحوص:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدرِ مَا الْهَوَى
وفي كتاب الزينة:
إِذَا أنْتَ لَمْ تَطْرَبْ وَلَم تَشْهَدِ الْخَنَا
و (العِزْهَاةُ): الذى لا يحب اللهو ولا يَطْرب، ورد البيت في "الزينة" ١/ ١٢٤، "المخصص" ١٦/ ١٧٥، "الخصائص" ١/ ٢٢٩، "الشعر والشعراء" ص ٣٤٦، و"أمالي الزجاجي" ص ٧٥، و"أساس البلاغة" (عزه) ص ٢/ ١١٥، "اللسان" (عزه) ٥/ ٢٩٣٣، و"شعر الأحوص" ص ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>