للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآخرة دار الحيوان (١).

قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} مضى الكلام في معنى ابتلاء الله في مواضع (٢).

والمعنى: لنعاملكم معاملة المختبر، فيرى من يعتبر بهما، فيعلم قدرة الله الذي قدر على خلق ضدين الحياة والموت، فيحذر مجيء الموت الذي ينقطع به استدراك ما فات، وشمتوي فيه الفقير والغني والملوك والسوقة، ويعلم أن خلفهما قاهر الجميع (٣).

وهذا المعنى في ليبلوكم على قول الكلبي، وأما على قول قتادة (٤) فقال أبو إسحاق: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (٥): خلق الحياة ليختبركم فيها، وخلق الموت ليبعثكم ويجازيكم بأعمالكم (٦). وعلى هذا المعنى: خلق الموت ليبعثكم (٧) للجزاء، وخلق الحياة للابتلاء. واللام في {لِيَبْلُوَكُمْ} تتعلق بخلق الحياة دون خلق الموت؛ لأن الابتلاء بها وفيها، وحذف ما


(١) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٩، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٥.
(٢) الابتلاء: بمعنى الامتحان والاختبار، ومنه قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} سورة محمد: ٣١.
ويكون في الخير والشر معًا، ومنه قوله تعالى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥].
انظر: "اللسان" ١/ ٢٦٤، (بلا)، و"المفردات" ص ٦١ (بلى).
(٣) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٦.
(٤) في (س): (وأما على قول قتادة) زيادة.
(٥) (خلق الموت والحياة) ساقطة من (س).
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٩٧.
(٧) في (س): (ويجازيكم بأعمالكم. وعلى هذا المعني: خلق الموت ليبعثكم) زيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>