للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه. ويجوز أن يكون (خَلَقَ) بمعنى المخلوق. فيكون المعنى: ألا يعلم الله من خلقه. أي مخلوقه (١)، وحذف العائد إلى الموصول.

قوله: {وَهُوَ اَللًطِيفُ} قال مقاتل: لطف علمه بما في القلوب، {الْخَبِيرُ} بما فيها من السر والوسوسة (٢).

وتكلم صاحب النظم في هذه الآية فقال: قوله: {أَلَا يَعْلَمُ} استفهام إنكار لما يذهب إليه الكفار والجهال من أنه تخفى عليه الضمائر. واختلف في قوله (مَنْ)، فزعم بعضهم أنه هو الله جل وعز على تأويل: ألا يعلم الخالق الذي خلق الخلق، فيكون (مَنْ) في موضع رفع. وزعم غيره أن (مَنْ) في موضع نصب (٣)، وقوله: (يعلم) واقع عليه على تأويل: ألا يعلم الله من خلقه؛ بمعنى يعلم ما كان ويكون منه سرًا وجهرًا وإضمارًا، وزاد وجهًا آخر فقال: وزعم بعضهم أن (مَنْ) بمثابة (ما)، كما تكون (ما) بمثابة (من) في قوله: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: ٥]، وإذا كان بمعنى (ما) كان اسمًا لما يسر الخلق ويجهرونه ويضمرونه في صدورهم، فيكون قد جعل أفعال العباد مخلوقة على تأويل: ألا يعلم الله ما هو خلقه من أفعالهم، وإن كان سرًّا أو إضمارًا فيكون ذلك حجة لمن أثبت القدر، لأنه جعله


(١) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٧١، و"الكشاف" ٤/ ١٢٣.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧١.
(٣) وهذا التأويل مردود عند مكي؛ لأنه يخرج الكلام عن عمومه ويدفع عموم الخلق عن الله عز وجل.
انظر: "مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٧٤٦. قلت: وما ذهب إليه مكي أولى في تفسير كلام الله تعالى، وحيث وجد وجه آخر لتفسير الآية فلا حاجة إلى مثل هذا التأويل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>