للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من المؤخر الذي يراد به التقديم، وتأويل {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا}، فسألتم موسى فقال لكم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}. وهذا عادة العرب في كلامهم، قال الله جل اسمه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا} [الكهف:١, ٢]، أراد: أنزل على عبده الكتاب قِيَماً (١). وقال الفرزدق يمدح خال هشام (٢):

وَمَا مِثْلُه في النَّاسِ إلا (٣) مُملَّكًا ... أبو أمِّهِ حَيٌّ أبوهُ يُقَارِبُهْ (٤)

أراد: وما مثله (٥) في الناس حي يقاربه إلا مملكاً، أبو أم المملك أبوه، فقدّم وأخّر.


= ذبحوها، ثم وقع ما وقع من أمر القتل، فأمروا أن يضرب ببعضها. "القرطبي" ١/ ٣٧٨ - ٣٨٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٥٨.
وقد رجح أبو حيان أن الأمر بالذبح متقدم، والقتل متأخر كحالهما في التلاوة، ولا داعي لحمل الآيات عن ظاهرها، بل تظهر الحكمة البالغة في امتحانهم أولا بذبح البقرة هل يمتثلون أم لا؟
(١) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٢، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، "البغوي" ١/ ٨٤.
(٢) هشام بن عبد الملك بن مروان، أحد خلفاء بني أمية، وخاله هو إبراهيم بن هشام ابن إسماعيل المخزومي القرشي. انظر: "الكامل" ٥/ ١٢٣، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٥١، "الأعلام" ١/ ٧٨.
(٣) (ألا): ساقط من (ب).
(٤) البيت من شواهد البلاغة على التعقيد اللفظي يقول: وما مثله يعني الممدوح في الناس حتى يقاربه، أي: يشبهه في الفضائل، إلا مملكا يعني به هشاما، أبو أمه: أي أبو أم هشام أبوه، أي: أبو الممدوح، فالضمير في (أمه) فلملك، وفي (أبوه) للممدوح. ورد البيت في "المعاني الكبير" ١/ ٥٠٦، "الخصائص" ١/ ١٤٦، ٣٢٩، ٢/ ٣٩٣، "الكامل" ١/ ٢٨، "الصحاح" (ملك) ٤/ ١٦٠٩، "اللسان" (ملك) ٧/ ٤٢٦٦، "معاهد التنصيص" ١/ ٤٣، "الخزانة" ٥/ ١٤٦.
(٥) قوله: (أراد وما مثله) ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>