للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال النحويون: وذكر اليد في قوله: {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} تحقيق للإضافة وإن كانت الكتابة لا تقع إلا باليد، وقد أُكدّت الإضافة بذكر اليد (١) فيما لا يُرادُ باليد فيه الجارحة (٢)، كقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] وقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: ٧١]. ومعناه: مما تولينا عمله، ولما (٣) توليت خلقه.

والأصل في هذا: أنه قد يضاف الفعل إلى الفاعل وغير الفاعل له، كقوله: {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [القصص: ٤]، والمراد بذلك: أنه يأمر بالذبح فَيُمتثل أمره. فلما كان الفعلُ قد يُضاف إلى غير الفاعل أُكّدَت الإِضافة بذكر اليد؛ للتحقق وينتفي الاحتمال، ثم استعمل هذا التأكيد (٤) أيضا في فعل الله تعالى وإن لم يجز في وصفه يد الجارحة؛ لأن المراد بذكر اليد تحقيق الإضافة على ما بيّنا.

وقال ابن السراج: معنى يكتبون بأيديهم، أي: من تلقائهم ومن قبل أنفسهم من غير أن يكون أُنزل عَلَيهم أو على من قبلهم (٥)، وهذا كما يقال للذي يُبدعُ (٦) قولًا لَم يُقَلْ قبله: هذا أنت تقوله (٧)، يراد بذلك: أنت ابتدعت هذا المذهب وهذا الحكم.


(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٤، "تفسير القرطبي" ٢/ ٨.
(٢) هذا تأويل من المؤلف رحمه الله، جرى فيه على مذهب الأشاعرة. والصواب ما عليه السلف من إثبات الصفات لله من غير تَأَويل ولا تكييف ولا تمثيل.
(٣) في (أ) و (م): (كما).
(٤) في (ش): (التاليد).
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٨.
(٦) في (ش): (يبيع).
(٧) في (ش): (بقوله).

<<  <  ج: ص:  >  >>