للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على لفظ الغيبة من حيث كان اللفظ لها، وجاز أن يكون على لفظ المخاطب لأنك تحكي حال الخطاب وقت ما تخاطب به. ألا ترى أنهم قد فرأوا قوله: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سيُغلَبون ويُحْشَرونَ إلى جَهَنَم} [آل عمران: ١٢] على لفظ الغيبة، وبالتاء على لفظ الخطاب (١)، على حكاية حال الخطاب في وقت الخطاب (٢)، فإذا كان هذا النحو جائزًا جاز أن تجيء القراءة بالوجهين جميعا، ويجوز في قياس العربية في قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]، الخطاب (على حكاية) (٣) حال الخطاب.

فأما قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} [البقرة: ٨٤]، وهذا لا يجوز (أن يكون) (٤) إلا على الخطاب؛ لأن المأخوذ ميثاقهم مخاطبون (٥)، ولأنك إن حكيت الخطاب كان التقدير: (أخذنا ميثاقكم فقلنا لكم: لا تسفكون) كان بالتاء.

فحجة من قرأ بالتاء (٦) قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ} [آل عمران: ٨١] فجاء على الخطاب، ويقويه قوله: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ} .. الآية. فإذا كان هذا خطابًا وهو عطف على ما تقدّم وجب أن


(١) قرأ حمزة والكسائي وخلف بالياء على الغيب في: (سيغلبون، يحشرون) وقرأ الباقون بالخطاب. ينظر: "السبعة" ص١٦٢، و"النشر" ٢/ ٢٣٨.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٤.
(٣) في (م): (الحكاية على حال الخطاب).
(٤) ساقطة من (م).
(٥) في (م): (مخاطبين).
(٦) أي في قوله: (لا تعبدون).

<<  <  ج: ص:  >  >>