للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظماً وتفسيرًا، وقد تخبط فيها الكُبَار من العلماء، وسلكوا في تفسيرها طرقاً لا تفضي بهم إلى الصواب.

والوجه في تفسيرها: ما أخبرناك به، فأحمد الله إذ أتاك بيانها من غير لبس ولا إشكال (١) ويدل على هذا المراد بالبينة محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه أبدل منها فقال: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ}.

قال أبو إسحاق: رسول: رفع على البدل من البينة، والتفسير لها (٢).


(١) قال الفخر تعليقاً على ما قاله الإمام الواحدي، وبعد ما ذكر قوله في معنى الآية: ثم إنه رحمه الله لم يلخص كيفية الإشكال فيها. "التفسير الكبير" ٣٢/ ٣٨.
ثم قال: (وأنا أقول: وجه الإشكال أن تقدير الآية: لم يكن الذين كفروا منفكين حتى تأتيهم البينة، التي هي الرسول، ثم إنه تعالى لم يذكر أنهم منفكون عن ماذا؛ لكنه معلوم إذ المراد هو الكفر الذي كانوا عليه، فصار التقدير: لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول، ثم إن كلمة (حتى) لانتهاء الغاية، فهذه الآية تقتضي أنهم صاروا منفكين عن كفرهم عند إتيان الرسول، ثم قال بعد ذلك: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}، وهذا يقتضي أن كفرهم قد ازداد عند مجيء الرسول، (فحينئذ يحصل بين الآية الأولى، والآية الثانية مناقضة في الظاهر. هذا منتهى الإشكال فيما أظن. والجواب عنه من وجوه: أولها، وأهمها الوجه الذي لخصه صاحب الكشاف، وهو أن الكفار من الفريقين: أهل الكتاب، وعبدة الأوثان كانوا يقولون قبل مبعث محمد -صلى الله عليه وسلم-: لا ننفك عما نحن عليه من ديننا، ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه، ثم قال: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق، ولا أفرهم على الكفر إلا مجيء الرسول). "التفسير الكبير" ٣٢/ ٣٨ - ٣٩، وانظر: "الكشاف" ٤/ ٢٢٦.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>