للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان كذلك فالأقيس الأسرى، وهو أقيس من الأسارى، كما أن الأسارى أقيس من قولهم: أُسَراء. والذين قالوا أُسَرَاء شبهوه بظُرَفاء، كما قالوا في قتيل: قُتلَاء، فكما أن أُسَراء وقُتلَاء في جمع قتيل وأسير ليس بالقياس، كذلك أُسارى ليس بالقياس (١).

ووجه قول من قال أُسارى: كأنه شبهه بكسالى، وذلك أن الأسير لما كان محبوسًا عن كثير من تصرفه للأسر كما أن الكسلان محتبس عن ذلك لعادته (٢)، شُبِّه به، فقيل في جمعه: أُسارى، كما قيل: كسالى، وأجرى عليه هذا الجمع للحمل على المعنى، كما قيل: مرضى وموتى وهلكى؛ لما كانوا مُبتلين بهذه الأشياء ومصابين بها، فأشبه في المعنى فَعِيلًا الذي بمعنى مفعول، فلما أشبهه أجري عليه في الجمع (٣). والحمل على المعنى لا يكون الأصلَ عند سيبويه، قال: ولو كان أصلًا قبح (هالِكون وزَمِنون)، وكذلك أُسَارى ليس بالأصل في هذا الباب، ولكن قد استعمل كثيرًا. قال سيبويه: قالوا: كَسْلى شبهوه بأَسْرى، كما قالوا: أُسارى، شبهوه بكُسالى. قال: وإنّما جمع ما كان على فعلان نحو سكران وكسلان على فُعَالى، وإن


(١) هذا كله كلام أبي علي في "الحجة" بتصرف يسير ٢/ ١٤٣، وقد ذكر الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٢٠ أن أحدًا من العلماء الأثبات لم يُفَرق بين أسرى وأسارى إلا أبو عمرو فإنه قال: ما قد أُسِر فهو أسارى، وما لم يؤسر فهو أسْرى، وروي عنه من وجه آخر قال: ما صاروا في أيديهم فهم أسارى وما جاء مستأسرًا فهم أسرى، وأنكر الفرق ثعلب. وبين القرطبي في "تفسيره" ١٨/ ١٩ أن ما ذكره أبو عمرو لا يعرفه أهل اللغة.
(٢) في "الحجة": لعادته السيئة شبه به.
(٣) في "الحجة" ٢/ ١٤٤: فلما أشبهه في المعنى أجري عليه في الجمع اللفظ الذي لفعيل بمعنى مفعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>