للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجلف (١) الخبز، وظل الحائط، وجرة الماء، فضل يحاسب به، ويسأل عنه العبد يوم القيامة" (٢).

وروى أبو قلابة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في هذه الآية: "ناس من أمتي يعقدون السمن، والعسل بالنقي فيأكلونه" (٣).

ومن قال بهذا القول، وهو أن كل أحد يسأل عز النعيم، كان المعنى عنده: أن الكافر يسأل توبيخًا ثم يعذب لتركه الشكر -كما ذكرنا-، والمؤمن يسأل عن ذلك إظهارًا للمنة عليه، وإذا كان قد قام بشكره فلا عتب عليه (٤)، فقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل هو ونفر من أصحابه تمرًا،


(١) الجلف: الخبز اليابس الغليظ بلا أُدم ولا لبن كالخشب، ويروى بفتح اللام، جمع جِلْفة، وهي الكسرة من الخبز. "لسان العرب" ٩/ ٣١ (جلف).
(٢) ورد في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٨٥ من طريق يزيد بن الأصم عن ابن عباس، وفيه جر الماء بدلًا من جرة الماء، و"الدر المنثور" ٨/ ٦١٩ وعزاه إلى البزار.
(٣) الكشف والبيان" ١٣/ ١٤٥ أمن طريق يوسف ابن أخت ابن سيرين عن أبي قلابة مرفوعًا، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٨٤ موقوفًا، ورواية الموقوف وضحت المراد بالنفي، قال أبو قلابة: من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي. والنقي المراد به النظيف من الشيء. انظر: "لسان العرب" ١٥/ ٣٣٨: (نقا).، و"فتح القدير" ٥/ ٤٩٠ وقال: هذا مرسل، وعزاه إلى أحمد في الزهد، وابن مردويه.
(٤) قال الزمخشري: فإن قلت: ما النعيم الذي يُسأل عنه الإنسان، ويعاتب عليه، فما من أحد إلا وله نعيم؟ قلت: هو نعيم عن عكف همته على استيفاء اللذات، ولم يعش إلا ليأكل الطيب، ويلبس اللين، ويقطع أوقاته باللهو والطرب، لا يعبأ بالعلم والعمل، ولا يحمل نفسه مشاقه، فأما من تمتع بنعمة الله وأرزاقه التي لم يخلقها إلا لعباده، وتقوى لها على دراسة العلم والقيام بالعمل، وكان ناهضًا بالشكر، فهو من ذاك بمعزل. "الكشاف" ٤/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>