للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب من عند الله جحدوه، وحذف لأنه معروف، دل عليه {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}، هذا قول أبي إسحاق (١).

وقال الفراء: جوابه في الفاء في قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا}، وفيه أيضا معنى الابتداء. و (كفروا) بما فيه من جوابهما جميعًا، والعرب تجيب كلامين بجواب واحد، كقولهم: ما هو إلا أن يأتي عبد الله فلما قعد أكرمته (٢) (٣).

والدليل على هذا: أن الواو لا تجوز في موضع الفاء في قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} كما جاز في ابتداء الآية، فذلك دليل على أنها جواب وليست بنسق.

ومثل هذا في كون الفاء جوابًا قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣] {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} (٤) صار كأنه جواب لـ"إما"، ألا ترى أن الواو لا تصلح في موضع الفاء هنا.

وقال محمد بن يزيد (٥) قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ} تكرير للأول؛ لأن


(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧١، وذكره الطبري في "تفسيره" ٤١٢ - ٤١٣، وممن ذهب إليه: الأخفش واختاره الزمخشري كما في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣، ورجحه أبو حيان.
(٢) قال الفراء: ما هو إلا أن أتاني عبد الله فلما قعد أوسعت له وأكرمته.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٩ بتصرف، وذكره الطبري في تفسيره ١/ ٤١٢ - ٤١٣، ونسبه إليه في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣، وقال: وأما قول الفراء، فلم يثبت من لسانهم: لما جاء زيد فلما جاء خالد أقبل جعفر، فهو تركيب مفقود في لسانهم فلا نثبته، ولا حجة في هذا المختلف فيه، فالأولى أن يكون الجواب محذوفًا لدلالة المعنى عليه.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) أي المبرد، ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>